يوميّات ورّاق

-1- صفحة

كان يقودُ دراجتَه في الظلامِ عابرًا الوَسِعَايَةْ إلى حيثُ مَحَلّ الدجاجِ قُرْبَ أطلال المخبز القديمْ، شِمالَ الطريقِ التُّرابيْ. رَكَنَ دراجته فيما بدا أنَّ القومَ يتأهّبونَ للإغْلاقْ. ”بْكَمْ الدِّجَاجْ؟” لم يرد أحد. ”ما نْحَصّلُوشْ دجَاجْتَيْن!؟” بدون رد. كان البائعُ يَنزل بما تبقّى من دجاجاتٍ إلى ما كأنّه ثلاجةٌ في قبوٍ أصفرٍ تبدو بعض معالمه، و كان ثمةَ بضع دَرَجَاتٍ تقودُ إلى طابقٍ عُلوي. صعدَ متضايقاً من تجاهلِ البائعِ. وَجَدَ ما يشبه مكتبَ خدمات يفصل الزجاج بين مناضِدِه. في الواجهة رأى زميل دراسة من أيام الطفولة، يضرب على جهاز حاسوب. جلس بقربه بعد الترحيب، و جرى بينهما حديثا قصيرا عن ما يتذكر و لا يتذكر من شؤون. أخذ صديقُه يتمتم كلاما لا يفهمه و إن كان زملاؤه يتبسّمون بخبثٍ اقربَ إلى القهقهة الصامتة. لم يعجبه الحال فنزل. فاجأه مرأى سيارةِ العائلة رابضة أمام باب المحل. استغرب ” لكن مفاتيح السيارة في جيبي!؟” اتجه إلى حيث دراجته، كانت حيث ركنها، اعتلاها، لكنها لم تكن هي، كانت دراجة نارية. عاد و ركب السيارة و ما إن أدار المفتاح حتى اهتزت تحت وطأة صدمة خلفية خفيفة، أعقبها احتكاك الزاوية الخلفية اليمنى لها احتكاكاً متواصلاً، تبعه وقع رجوع الجسم المحتك إلى الخلف.. إلى الأمام مجددا ثم إلى الخلف… كان قد نزل يصرخ ” هيه! هيه!!” توقفت البلبلة فأدهشه أن السيارة التي حكّته كانت بالكامل مُغطّاةٌ بمشمعِها. رفع ما بدا كالرواق ليبهره في ذاك الشحوب وجهُ حسناءٍ فاتنة، هادئةٌ على مقعد القيادة. أخذ يرطن مرتبكا متلعثما -من عيّه المزمن لا من غرابة الموقف، مما اضجر المرأة التي نزعت الغطاء بلمسة زر ثم انطلقت و هي تقول : ” توّه تجي الخبزة.” أخذ يصيح ” انا ما نحكيش ع الخبزة.. انا.. و انا.. و انتِ…” قاطعته عن بعد ” شن ها العيل الهبل!؟”… صرخ و قد أيقظه الألم ” باهي اللي ما هو صايد عافيته!” كانت قد ابتعدت كثيرا. و كان حلماً لم يعد بعده إلى النوم .ـــ

By A. R. Jwailie

A son of a carpenter who inherited the craft, and had to quit the job.

Leave a comment

Design a site like this with WordPress.com
Get started