وقعة

لحظة طاليسية لا نعلم مدى جدارتها. عندما سيطر اللاتين على ما سُمّيَ ببحر الروم، كانت معارف العالم قد دُوِّنت حينها و بدأ العقل يتدرج تاريخا و محتوىً عبر النصوص الورقية، مع احتفاظ الشفوية بحقها في التعبير و المشاركة العملية في شؤون الحياة، التي يتم تدوينها. .. ذهبت مُشرّقةً.
وقعة في سوق عكاظ.. فيها، خطر للكلب ان يزور مقبرة الكلاب. شاور صاحبه عن بعد فأومأ أن: هيا.. و تابعه من على بعد بوصتين لا مرأيتين. سارا يوما او يوما و بعض يوم، في قفر خالٍ جاف إلا من زمزميةهما التي في الجعبة. حتى إذا ما وصلا إلى مشارف ما بدا… ، و اذا به حقاً عظاما و رمائم و أخرى تساق طازجة مبقورة البطون. من ناحية الكم الهائل، هذا ما، حصل من قبل! و من قبلٍ كذلك حصل التطاول في البنيان و لم تكن أفقية هذه المرة بل عمودية و زوايا أخرى لا حصر لها. العمود استحال بيتا و الأروقة جدرانا خراسنيةً أندكّت لها دعائم يذبل و شحُبَت الزُهرى و أخذ قلبُ الشِعرى في الخفقان. كلاب نافقة منطرحة على جانبي الدرب المؤدي إلى مقبرة الكلاب. حيث كلٌّ طارَحَ الجمعَ وحيدا، أوقطيعاً من نباح. و كان لابد من علامةٍ أورَقْمٍ، و وَرِْقٍ ليُعلّق بأبي الذهب و قد ولغ في الدست. و لا يزال خطّياً ينظرُ. تلك لاتُساق بل هي تسعى إلى أن ألّا ينتشر الإمّحاق ؛ وبارداً يترنم مرح الآلات الذي يظلَّ أصمًا أعمى و لا ماينطقون.. كي تسعتيد العافية جمالها.
وقعةٌ في سوق عكاظ.. كان ذات المرح بثقل الكون، و كل ِّ ما فيه، رمزا وعلامة، و ما عليه أصداءٌ تحيا أسطورةً. كان صداها صِلبأً أبعدَ، من أي سيلفي. و امتعاضاً بمودة من ثمةَ يلوم العابرين. يحدث كما حدث، أن تدورَ تطلبُ لكلِّ، رَتْقَ شيءٍ من العراء الفاحش.. فضّل هنا أن ينعطف على التاريخ، كشفويٍّ يُدوّن بلا تحقق – من وجهة نظر ورّاق ٍ. وقعةٌ كان للنهضة فيها لدى السوق سرادق و أخبية.بكثير، قبل ان يدب الهلع على كرة يطاردها قزم أحمر. هي كما هي ، كأيّ شيء، ثابتا يدور ،يتراكب، و تتناسل من حوله المتغيرات. خيراً أو نحساً لا تأتي الرياح بجديد، حين تتسلل من ثقب خارج الوجود. ربما تأتي منه الروح. فلتتضع الآن أيها الحُلُمُ و قد رضيتَ بالإياب.. الواقع! وما يعني لمن يقرأ لا، لشيء إلاّ ليتناسى الكتب ..
كان الجميع على الركح و المتفرجون و من ورائهم فضاءً ضبابيا بالكاد يُستشَفُّ ما يجري ورائه. التفت الورّاق لحاله و رأى أنه بدون الكلب و من معه ليس سوى كياناً- لعله يرى ذلك، لا وجود له، عدما خالصاً، معدنا بلا حياة يُنقّى قِسْراً كعامل مساعد يجعل من زهرةٍ أن تنبري لمضارعة الذهب في طول العمر؛ في بوتقة وجود. ربما لأن تختبر حلاوة الوحدة بعيداً عن طحناته، و أيامه، و ذات الليلة السرمدية هذه. يكتب لا ليثبت أو ينفي، أو لأن الذاكرة ما عادت تُسعف جيوب الجلد، أو أصلاً تجّرد حتى مشارف العدم و عاد قانعاً بأن ليس كل ما هنا زيفٌ مطلق، بل الفخ هناك. كلا. و لا مكبّ قمامةٍ ننقّب فيه في الكَسْرَةِ عن بقايا عقب. كان يرتدي أوفرأولاًْ، و هو ما يحلو للبعض بنعته بالمريول أو ما شابه إذا هو زي خدمةٍ و شغل. فكر ، قليلا ثم أدبر. كان من الصعب تمييز ما يتناثر من تلك الأرائك مع الفوشار. أعاد النظر.. كما تجيء الورطة ينبغي أن تنصرف.. لم و لن يكون لرقصتها ايقاع منضبط. كان لا يزال يظن -و كثيرا هنا، أن بداوته تستحق أن يبيع لها وطناً لأجل حفيد لن يطأ الحاضرة. مؤكَّدةً منذ الفجر كانت تتضح رويدا معالم المساومة. سلعة تبيع و تشتري و قائما يرتفع عليها عمود لسوق سوداء، أفاقين و دجّالين و خنازير لا ترعوي عن أكل لحوم بعضها.نارٌ في سياق مغاير لا ينقصها إلاّ بقيّةَ العناصر، صفاءُ، الماءِ و الهواء و التراب. بعيدا عن أيّ مَكََبٍ، حبلان متوازيان، واحداً، تتعاقب عليه الخطوات بعصا توازن.

Published
Categorized as نثر Tagged

By A. R. Jwailie

A son of a carpenter who inherited the craft, and had to quit the job.

Leave a comment

Design a site like this with WordPress.com
Get started