دوّامةٌ تغربل دوائر العبث

نلاحظ في المصطلحات: سيرورة، صيرورة، أسطورة، تقارباً عصيّاً في فتنتهِ و غموضِه، تباعد من فرط سوء تناوله، إلى أن نحكم بغالبيةٍ لها ما يدعمها من شواهد على أن هذا التقارب آل إلى إنقطاع او إنفكاك شبه تام، او جمودٍ مستعصٍ، شللٍ، في احسن الأحوال – خاصةً فيما يخصُّ مصطلح الأسطورة، الذي لو نال حضَه من تدوالِ المصطلحين الأخريين، ربما لكانت أَلْفِيَّةً غير شِكل.

هذا يوصلنا إلى الحركة و التغيّر، قطبِ رِحِيِّ مدارات هذه المصطلحاتلا و غيرها من مشتقاتها و متعلقاتها. نضطر هنا الى ان نجازف بالقول أن السيرورة -ولعدم وضوح المنظور المعاصر عندنا لها- هي انتقال، مجموع نقلات أو حركات في المكان و الزمان، محصلة إزاحات. أي أن لها بعد فيزيائي، حتماً لا يخلو من اللعب. أما الصيرورة فإن مدخلها علومُ الوجود. مثلاً كعندما يزعم المشّائين انهاسيروة انتقال من الامكان الى الفعل، أو من الوجود بالقوة الى الوجود الواقعي الفعلي.. . عند الأسطورة فإننا نقف لنعود ادراجنا ليرتد اليها و يظلّ يعود كلُّ واردٍ، لحوض التوقف هذا. ذلك أن النقلاتِ ثَمّّةّ من شدّة مفارقاتها، وحدّة التباين في تقابلاتها؛ و تأثيراتها… شيء نظن أن دونه خرق القتاد! لا نعلم ما القتاد غير أنّه مادة معجمية أخرى، ميتة.. نتمنى لها أن تكون مادة اسطوريةً مناسبة.

نحن نحاول أن نشعل و لو عود كبريت نستشفَ شيئاً من معالم النقل و الانتقال و الانتقالية… عن الحياة. حيث المثقفون و انصافهم -بتحفظ، و ارباعهم ؛ و حتى الأميون الذي يعرفون شيئاً عن الانتقال و الشيل و الحط؛ أن الحياة قد توقفت حيث لا مورد و لا وارد منذ ما ربا على الألفيّةِ بمليونيات. الاستقرار-الثبات-السكون-الجمود. بينما من حولنا: انتقال-تحوّل-حركة-تغيّر… السيرورة و الازاحة ليستا مترادفتين لكنها سنن تفرض مشروعية ما لكل نقلة (موضوعية-فيزيائية). الصيرورة لنا ان نراها كمتصَلٍ وجودي تستمد في لغتنا النقلةُ مشروعيتها من الواجد الموجد أو الوجدان؛ بينما عند العجم فالانتقال له قوانين تدور متّصَلات فضاءات افلاك الكينونة و الكيان و الكائنات. أما الأسطورة فهي شيء يُؤوَّل و يُرام تفسيره. تماما كتفسير الورود و الصدور أو تفسير معجزةِ الشهيق و الزفير… مجازٌ خارج الزمن.. سرمدي.. يتواضع عنده حضور الحق و الحقيقة، معا، كمشروعيةٍ لهذا اللقاء.. حضور يدوزن اللسانيات و سيميائياتها، و يخلق أمداء الإنتقال.

نحاول ان نختصر غرضنا في أن هذا الانتقال كونه محكوم بالتقطّع و التوقف و المواصلة، حسب نواميس كونية يروق للمتراخين اختصارها في كلمة واحدة، (القدر)؛ و هو ما يعني عند غيرهم حقاً إنسانيا مشروعا في السعي و الحركة و الاختيار، و تحمّل تبعات هذا الاختيار. مشروعيةٌ لها ضوابط كي لا تنعطف النقلةُ، جرثومةً ينشغل بها ما يخصّها من النواميس عن ما قُدِّر لها من التدابير العَليّة.

نصل الآن الى قصْدنا.. بما أنّا لاندري.. و حقاً، و مع أن التباهي بالجهل و الأعلان عنه – لا إلى درجة الدعوة اليه طبعا! يُعتبر عند البعض صفاقةً أو حماقةً أو … ربما شماتة سافرة.. إلاّ سنتحاذى مع سقف الحس المشترك كأعراب أميين يطأون الحاضرة، لأول مرّة. نعم، لاندري، و لانعلم تأريخاً موثّقاً، و لا رواية مدونة و لا حتى شفوية… عن واقعة كون المستعمرات التي نالت استقلالها بعد الحربين الكونيتين، و انضواء اعلام البشرية تحت لواء واحد هو علم الأمم المتحدة؛ ما إذا كان قد لزم لكل أمة منها من مشاورات و مداولات و جلسات… كما نسمع! ما حدث عندنا بمطلب استقلال امارة برقة اولاً ثم استقلال تراب جميع الأمة الليبي!؟ أو كما نسمع عن قيام دولة اسرائيل.. و لا نسمع إلاّ عن هاتين الدويلتين! ثمة أي هيئة اعتبارية ما يجب ان يعُلن عنه، و ما هو مسموحٌ باعلانه، و احياناً بتحفّظٍ قد مراوغا بعض الشيء، و احيان ما لايّظهرُ الاّ بعد عقود و قرون و ألفيات… حسب ماتراه قوانين الهيئة التي تستمد مشروعياتٍ، تتصاعد من قاعدةٍ كهرم الى ما فوق النظر، حيث علياء النواميس الكونية.

في 1969 لم يتم طردنا من هيئة الأمم المتحدة رغم تعليقنا لمشروعيةٍ تخصّنا كما تخصّ المجتمع الدولي. سألنا فقيل لنا أن الإستقلال كان مزيفاً! و كذلك فرض بني صهيون دولتهم بالابتزاز و الرشوة و الضغوطات القذرة عل كل العالم النظيف-طبعا!! العجيب أن يستمر هذا و نُخِيّر المجتمع الدولي أن يُجري تعديلات بنيوية في تشريعاته و قوانينه، و أن ينقل مقره و كذلك كأس العالم المتزامن معه عندنا!!

By A. R. Jwailie

A son of a carpenter who inherited the craft, and had to quit the job.

Leave a comment

Design a site like this with WordPress.com
Get started